"الإنسان في القرآن" من كتاب علل وأدوية لمحمد الغزالي وبصوت سعاد الناهضي

في هذا الفصل، ينطلق الغزالي من أن الإنسان ليس مجرد كائن مادي أو اجتماعي فقط، بل هو كائن مركّب من الجسد والروح، من فطرةٍ غُرِسَت فيه ومن تكليفٍ وتحمل لمسؤوليات أخلاقية وإيمانية.

ينظر إلى القرآن الكريم على أنه الرسالة التي تُعلّم الإنسان عن ذاته، عن أصله، عن خَلْقه، وعن الغاية التي وُجد من أجلها.

يرى أن الفطرة البشرية فيها ميل نحو الخير، نحو التوحيد، نحو العبادة، نحو العمل الصالح، لكن هذه الفطرة قد تُعوّقها عوامل داخلية (كحب النفس، والشهوات، والجاه) أو خارجية (كالتجهيل، والانحلال الأخلاقي، والضغوط الاجتماعية).

يشير إلى أن التوازن الحقيقي للإنسان يكون حينما تُوفَّق بين حقوق الجسد (وهي لا يُمكن تجاهلها) وبين حقّ الروح وحقّ الخالق: فيُعَظّم الإنسان التوحيد، ويؤدي العبادة، ويعمل في الدنيا، ويُعدّ للآخرة.

يؤكد أن العلاج (الأدوية) لأمراض الإنسان المعنوية يبدأ من القلب: إذ إذا ما خلتُه من الله، أو ابتعد عن الشعور برقابته، فإن الأفعال الخارجية وحدها لا تكفي. فالتربية الإسلامية الصحيحة تطلب بناء النفس، وتعليمها، وإيقاظ الضمير، لا الاكتفاء بالتعليم الشكلي.

يربط بين هذه النظرة إلى الإنسان وبين ما تعانيه الأمة من “علل” — أي أمراض فردية وجماعية — يراها غزالي نتيجة لفقدان هذا الفهم المنصّف للإنسان وظيفته ولمكانته ولغاية وجوده.

في نهاية المطاف، يُبرز أن الإنسان في القرآن ليس عبداً منفصلاً عن الرسالة والمجتمع، بل هو صاحب مهمة: أن يكون خليفة في الأرض، أن يُظهر الخير، أن يعمرها، أن يدعو إلى الله بالحكمة، وأن يكون نموذجاً يُشهد له في الأخلاق والسلوك.