تشيرنوبل… الكارثة النووية التي هزّت البشرية
Автор: ثلاثة في واحد
Загружено: 2025-09-19
Просмотров: 1002
️ المقدمة (الجزء الأول)
في لحظةٍ غامضةٍ، تغيَّر مسارُ التاريخ.
انفجارٌ واحد، في قلب مفاعلٍ يحمل الرقم أربعة، أطلق تحذيراتٍ لم يصغِ إليها أحد. تحذيراتٌ تحولت في غمضةِ عينٍ إلى صرخةٍ مدويةٍ أيقظت العالم من وهم السيطرة الكاملة على التكنولوجيا.
هنا تبدأ القصة… القصة التي لا تحكي فقط مأساةً نووية، بل تكشف لنا عن هشاشة الإنسان أمام قوى لا يمكن كبحها.
في عمق أوروبا الشرقية، داخل حدود ما كان يُعرَف بجمهورية أوكرانيا السوفيتية، ارتفعت منشأةٌ صناعيةٌ ضخمة، يصفها السوفييت بالفخر القومي في ميدان الطاقة النووية: محطة “تشيرنوبل”.
كانت المحطة تمثل حينها قفزةً هندسيةً هائلة، ورمزًا للتفوق في سباقٍ محتدم بين الشرق والغرب على الهيمنة التكنولوجية.
لكن، ما لم يكن في حسبان أحد، أن هذا الإنجاز الذي عُلِّقَت عليه آمالٌ كبيرة، سيتحوّل في لحظةٍ واحدةٍ إلى أسوأ كارثةٍ نوويةٍ عرفها التاريخ البشري.
كارثةٌ لم تُغيِّر مستقبل أوكرانيا والاتحاد السوفيتي فحسب، بل زلزلت ثقة العالم بالتكنولوجيا ذاتها، وفتحت الباب أمام أسئلةٍ وجوديةٍ كبرى حول حدود السيطرة البشرية على قوى الطبيعة.
في سبعينيات القرن العشرين، كانت القيادة السوفيتية تُكرِّس كل إمكاناتها لتأكيد تفوقها الصناعي والعلمي على الغرب.
تم اختيار موقع تشيرنوبل بعنايةٍ على ضفاف نهر بريبيات، ليكون قريبًا من مصدرٍ مائيٍّ طبيعيٍّ للتبريد، وبعيدًا نسبيًا عن المدن الكبرى، تحسُّبًا لأي طارئ.
ذلك الطارئ الذي اعتقد الجميع أنه مستحيل الحدوث.
بدأ العمل في المحطة مطلع السبعينات، وشُيِّد فيها أربعة مفاعلات من نوع RBMK، وهو تصميم سوفيتي تميز بقدرته العالية وتكلفته المنخفضة، لكنه كان يخفي في جوفه عيوبًا تقنيةً قاتلة لم تُؤخذ بجدية في وقتها.
بحلول عام 1986، كانت المفاعلات الأربعة تعمل بكامل طاقتها، فيما جرى التخطيط لبناء مفاعلين آخرين (الخامس والسادس).
في ذلك الوقت، كانت تشيرنوبل رمزًا للفخر السوفيتي… لكنها في الحقيقة كانت تحمل في أعماقها بذور الفاجعة
الجزء الثاني: الانفجار ولحظاته الأولى
في مساء الجمعة، الخامس والعشرين من نيسان عام 1986، اجتمع طاقم المفاعل الرابع لتنفيذ تجربةٍ تقنيةٍ بدت في ظاهرها بسيطة:
ماذا سيحدث لو انقطعت الكهرباء فجأة؟ هل سيتمكّن نظام التبريد الاحتياطي من العمل تلقائيًا قبل أن تتوقف التوربينات؟
الفكرة بدت روتينية، لكنها في حقيقتها كانت تحمل بذور الكارثة.
التجربة تأجلت مرارًا، وعندما تقرر تنفيذها تلك الليلة، لم تكن الظروف مناسبة: الطاقم الليلي لم يكن هو الطاقم المدرَّب على التجربة، ومستوى الطاقة في المفاعل انخفض بشكل غير متوقع، مما جعل الوضع غير مستقر.
ومع ذلك، ورغم التحذيرات، قرر الطاقم المضي قدمًا.
الضغط الإداري كان شديدًا، والرغبة في إنهاء التجربة بأي ثمن طغت على صوت العقل.
وبخطوةٍ كارثية، جرى إيقاف أنظمة السلامة التلقائية.
خطوةٌ ستُذكَر لاحقًا في تقارير التحقيقات العالمية كأحد أهم أسباب الكارثة.
ثم…
عند الساعة 1:23 فجرًا، وقع ما لم يكن في الحسبان.
انفجارٌ عنيف دوّى في أرجاء المفاعل.
لم يكن انفجارًا واحدًا بل انفجاران متتاليان:
الأول نتج عن تراكم البخار في قلب المفاعل، والثاني قذف بالغطاء الفولاذي، الذي يزن أكثر من ألف طن، إلى السماء، تاركًا فجوةً مفتوحةً تطل مباشرة على نواة اليورانيوم المشتعلة.
في لحظات، تحولت المنشأة إلى بركانٍ من النار والإشعاع.
تصاعدت أعمدة الدخان الأسود، وتلألأت أضواء زرقاء غريبة في السماء، إشارةً على أن شيئًا مروّعًا يحدث… شيئًا لم يشهده العالم من قبل.
في مدينة بريبيات القريبة، سمع السكان دوي الانفجار، فاندفعوا إلى نوافذهم يراقبون اللهب.
بعضهم ظنه حريقًا صناعيًا عاديًا، وآخرون اعتقدوا أنه عطل كهربائي بسيط.
لكن لا أحد منهم كان يتخيّل أن السماء نفسها بدأت تتسرب منها السموم
الجزء الثالث: الساعات الأولى بعد الانفجار وصمت الحكومة
خلال دقائق قليلة من الانفجار، وصلت فرق الإطفاء إلى موقع المفاعل.
رجال بسطاء جاؤوا لإخماد النيران، وهم يجهلون أن ما يواجهونه لم يكن حريقًا عاديًا، بل جحيمًا نوويًا غير مرئي.
دخلوا إلى قلب الكارثة دون أي معدات واقية من الإشعاع، مستخدمين خراطيم الماء في مواجهة لهبٍ يتغذى على اليورانيوم والجرافيت.
ما إن اقتربوا من النيران حتى بدأت تظهر الأعراض الأولى:
حرقة في الجلد، طعم معدني غريب في الفم، دوار مفاجئ، وفقدان للوعي لدى بعضهم.
لكن الأوامر كانت صارمة: “أطفئوا النار مهما كلف الأمر”.
لم يكن في قاموسهم التراجع، ولم يكن لديهم الوقت لفهم ما يحدث.
في فجر السادس والعشرين من نيسان، كانت ألسنة اللهب لا تزال تتصاعد من قلب المفاعل، فيما تسربت كميات هائلة من الإشعاع إلى الجو.
الإشعاع لم يكن مرئيًا، لكنه كان قاتلًا، ينتشر بصمت في الأجواء المحيطة.
رغم كل ذلك، لم تُصدر الحكومة السوفيتية أي بيانٍ رسمي.
لم يُحذَّر السكان، ولم يُطلب منهم مغادرة المدينة.
بل على العكس، طمأن المسؤولون المحليون الناس بأن الأمور تحت السيطرة، وأن لا داعي للقلق.
لم يكن هذا الصمت عبثيًا.
ففي عقلية النظام السوفيتي آنذاك، الاعتراف بالفشل أو الضعف يُعَد خيانةً أيديولوجية، وإظهار العجز أمام العالم كان أمرًا غير مقبول.
كيف يمكنهم أن يعترفوا بأن التكنولوجيا النووية السوفيتية، رمز القوة والفخر، قد فشلت بهذه الطريقة المروعة؟
حتى بعد وفاة أول رجال الإطفاء خلال أيام قليلة نتيجة متلازمة الإشعاع الحاد، ظلّت السلطات تتعامل مع الكارثة بتكتّم شديد.
ولم يُتخذ قرار بإخلاء مدينة بريبيات – التي يسكنها أكثر من خمسين ألف شخص – إلا بعد مرور 36 ساعة كاملة من لحظة الانفجار، حين كان الإشعاع قد تجاوز الحدود الآمنة بآلاف المرات
Доступные форматы для скачивания:
Скачать видео mp4
-
Информация по загрузке: