قصة صياد يعثر على رضيع غريب عن القرية في صندوق تحمله الأمواج، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

#قصص_مسموعة_للمكفوفين​ #سوق_الحكايات_والقصص​ #ضع_السماعات_أغلق_عينيك_واستمع​
#ضع_السماعات_أغلق_عينيك_واستمع​ #قصص_مسموعة_للمكفوفين​ #سوق_الحكايات_والقصص​
______________________________________

قصة صياد يعثر على رضيع غريب عن القرية في صندوق تحمله الأمواج، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كان الفجر لا يزال يتململ في رحم الظلام، ورائحة الملح والرطوبة تملأ جوف "سالم" قبل أن تملأ رئتيه. في تلك القرية الساحلية المنسية، حيث البيوت متلاصقة كأنها تحتمي ببعضها من قسوة الريح، كان العجوز الصياد يغادر فراشه الخشن كل صباح، والبرد ينخر في عظامه التي نال منها الزمن. لم يكن سالم مجرد صياد؛ بل كان عنواناً للصبر في وجه البؤس، رجلاً رسمت الشمس خارطة الشقاء على وجهه الأسمر، وحفرت الحبال الخشنة أخاديد عميقة في كفيه المتشققتين.
قبل أن نكمل هذه القصة الشيقة، أخبرونا في التعليقات من أي بلد أو مدينة تشاهدون هذا الفيديو. والآن لنكمل القصة

سار سالم نحو الشاطئ، وقدمه تغوص في الرمل البارد، يجر خلفه ظله وقاربه المتهالك الذي كان يئن مع كل موجة كأنه يشكو لربه سوء الحال. كانت شباكه قديمة، مرقعة بخيوط لا تشبه بعضها، حالها كحال ثيابه التي بهتت ألوانها. نظر إلى الأفق البعيد، حيث تلتقي السماء بالبحر في عناق رمادي حزين، ورفع كفيه إلى السماء بقلب يملؤه اليقين رغم فراغ اليد، راجياً أن يجود عليه البحر اليوم بصيد يستر به جوع زوجته التي تنتظره في كوخهما الطيني، تلك المرأة الصابرة التي لم تنجب له ولداً، لكنها حملت معه همّ الفقر عقوداً طويلة.
رمى سالم شباكه في الماء، وانتظر. مر الوقت ثقيلاً كالصخر، والشمس بدأت ترسل خيوطها الذهبية لتكشف عن زرقة البحر وخيبة أمل الصياد. سحب الشبكة مرة تلو الأخرى، وفي كل مرة كانت تعود فارغة إلا من بعض الأعشاب البحرية والحجارة الصغيرة، وكأن البحر قد قرر أن يبخل عليه برزقه في ذلك الصباح. تنهد العجوز تنهيدة طويلة خرجت من أعماق روحه، وشعر باليأس يتسرب إلى قلبه كما يتسرب الماء إلى قاربه المتشقق.
وبينما كان يهم بجمع حباله للعودة مكسور الخاطر، لمحت عيناه شيئاً غريباً يطفو على مسافة قريبة، شيئاً لا يشبه حطام السفن ولا مخلفات البحر المعتادة. كان صندوقاً خشبياً، يبدو من لمعانه وسطوع ألوانه أنه مصنوع من خشب فاخر، ومطعم بقطع من النحاس التي عكست ضوء الشمس بشكل خاطف للأبصار. دفعه الفضول، أو ربما نداء خفي، لتوجيه قاربه نحو ذلك الجسم الغريب. اقترب سالم بحذر، ومد مجدافه ليقرب الصندوق إليه، وحين رفعه بيديه المرتجفتين، فوجئ بوزنه وخامته التي لم يلمس مثلها في حياته.
فتح سالم الصندوق بقلب يرجف، وتسمرت عيناه مما رأى. لم يكن بداخله ذهب ولا جواهر، بل كان كنزاً من نوع آخر؛ رضيع صغير، ملفوف بأقمشة من الحرير الناعم الذي لا يرتديه إلا أبناء الملوك، بشرته بيضاء كالحليب، وشعره يحمل لون الذهب، ملامحه غريبة تماماً عن سمرة أهل القرية وملامحهم القاسية. كان الطفل نائماً بسكينة عجيبة وسط تلاطم الأمواج، وكأن البحر كان يهدهده طوال الليل. رق قلب العجوز في تلك اللحظة رقة لم يعهدها من قبل، وشعر بأن الله قد ساقه إلى هذا المكان لا ليصطاد سمكاً، بل لينقذ روحاً.
نظر سالم حوله، خائفاً ومتردداً، فالقرية لا ترحم، والناس ألسنتهم أحدّ من سكاكين الصيد. كيف سيعود بهذا الطفل؟ وكيف سيطعمه وهو الذي لا يجد قوت يومه؟ لكن نظرة واحدة إلى وجه الرضيع البريء كانت كافية لتبدد كل الشكوك؛ لم يستطع تركه لمصيره المجهول. ضم الصندوق إلى صدره، وغطاه بعباءته المهترئة، وجدف عائداً إلى الشاطئ وعيناه تفيضان بالدموع، مزيجاً من الفرح بالهبة والخوف من المستقبل.
وصل سالم إلى كوخه متسللاً، يحاول أن يخفي ما يحمله عن عيون الفضوليين من الجيران الذين بدؤوا يتجمعون في السوق. دخل على زوجته "حليمة"، التي كانت تنفخ في الجمر الميت لتحضر شاياً باهتاً. نظرت إليه بعينين ذابلتين تسألان عن الصيد، لكنه لم يقل كلمة، بل وضع الصندوق برفق أمامها وأزاح الغطاء. شهقت المرأة شهقة مكتومة ووضعت يدها على فمها، تراجعت للوراء وكأنها رأت شبحاً.
لم تكن نظراتها تحمل الفرحة التي توقعها سالم، بل ملأها الرعب. أشارت بيديها المرتجفتين نحو المطبخ الفارغ، ونحو الجدران المتآكلة، ونظراتها تصرخ بصمت: "كيف؟ ومن أين؟ ونحن نموت جوعاً!". كانت دموعها تنهمر بصمت وهي تتأمل الطفل الغريب، فقد رأت فيه فماً جديداً يحتاج لطعام لا يملكونه، ومصيبة قد تجلب لهم العار وكلام الناس. كيف سيشرحون للناس وجود طفل أبيض البشرة، غريب الملامح، في بيت صياد عجوز وعقيم؟
______________________________________


#قصص_مسموعة_للمكفوفين​ #سوق_الحكايات_والقصص​ #ضع_السماعات_أغلق_عينيك_واستمع​
#ضع_السماعات_أغلق_عينيك_واستمع​ #قصص_مسموعة_للمكفوفين​ #سوق_الحكايات_والقصص​
______________________________________