السلطان محمد الخامس 🔥 نبذة عن تاريخ رجل عظيم 🇲🇦🇲🇦🇲🇦🇲🇦

السلطان محمد الخامس: بطل الاستقلال

وُلد السلطان محمد الخامس سنة 1909 في القصر السلطاني بمدينة فاس، تحت اسم محمد بن يوسف. كان طفلاً هادئاً، محاطاً بالعلماء والفقهاء الذين أشرفوا على تعليمه القرآن الكريم، والعلوم الشرعية، واللغة العربية، إضافةً إلى اللغة الفرنسية. ومنذ صغره بدا عليه النضج والجدية، وكأن القدر يهيئه لدور عظيم في تاريخ المغرب.

في سنة 1927، وبعد وفاة والده السلطان مولاي يوسف، تولّى محمد بن يوسف العرش وهو في الثامنة عشرة من عمره. اعتقد الكثيرون أنّه ما يزال صغير السنّ وضعيف التجربة، لكنّ شخصيته سرعان ما أبهرت الجميع؛ إذ جمع بين التواضع والوقار، وكان قريباً من الناس، يزور الأسواق والأحياء الشعبية، ويصغي إلى هموم الشعب وآماله.

أثناء الحرب العالمية الثانية، اتّخذ موقفاً إنسانياً عظيماً، حين رفض الانصياع لقرارات حكومة فيشي الفرنسية التي كانت تفرض التمييز ضد اليهود. وأعلن صراحةً: "اليهود رعاياي، كما المسلمون، ولن يصيبهم أذى." فازداد حبّ الشعب له، ورأى فيه رمزاً للعدل والكرامة.

غير أنّ اللحظة الفاصلة في مسيرته كانت في 11 يناير 1944، يوم تقدّم الوطنيون بعريضة المطالبة بالاستقلال. أيد السلطان مطالب شعبه، وأعلن أنّ المغرب ليس مقاطعة تابعة لفرنسا، بل وطن مستقلّ له تاريخه وهويته. وقد أثار هذا الموقف غضب الاستعمار، الذي قرر نفيه.

وفي 20 غشت 1953، اقتحمت القوات الفرنسية القصر، وأجبرت السلطان على مغادرة البلاد مع أسرته. نُفي أولاً إلى كورسيكا ثم إلى مدغشقر. لكن هذا النفي أشعل ثورة عارمة في المغرب؛ خرج الناس إلى الشوارع، ونشأت المقاومة المسلحة، وارتفعت الهتافات في كل مكان: "الله، الوطن، الملك."

ظلّ محمد الخامس في المنفى رمزاً للمقاومة، حتى اضطرت فرنسا في النهاية إلى التراجع. وفي 16 نونبر 1955 عاد السلطان إلى أرض الوطن، فاستقبله الشعب استقبال الأبطال، ومنحه لقب "بطل التحرير."

وبعد عام واحد فقط، في 1956، أعلن محمد الخامس استقلال المغرب، وبدأ مرحلة بناء الدولة الحديثة إلى جانب ولي عهده الأمير الحسن الثاني.

لكن القدر لم يمهله طويلاً ، ففي 26 فبراير 1961، توفي السلطان محمد الخامس إثر عملية جراحية بسيطة. عمّ الحزن البلاد، وخرج الشعب في جنازة مهيبة يودّع سلطانهم الذي عاش بينهم وتشارك معهم النضال والكرامة.