هل اطّلعت الملائكة على اللوح المحفوظ فعرفت أن آدم سيفسد في الأرض ويسفك الدماء؟؟

الانتساب للقناة دعم لجهودها في الاستمرار كصدقة جارية، وتشريف لمحتوياتها من العلم النافع وتعميمه، هذه بعض ميزات الانتساب فلا تحرم نفسك منها ما استطعت
   / @lmoussaoui1960  
هل اطّلعت الملائكة على اللوح المحفوظ فعرفت أن آدم سيفسد في الأرض ويسفك الدماء؟؟
هذا ما نريد الوقوف عليه في هذا الفيديو إن شاء الله تعالى
قال الزمخشري في الكشاف (1/‏93): "أو من جهة اللّوح" أي أن الملائكة علمت أمر الإفساد والسفك في الأرض من جهة الاطلاع على اللوح المحفوظ والاستعلام منه سواء كان ذلك بالإرادة أو بالخطأ أو بلا إرادة، وفي هذا الافتراض أقوال مختلفة بين الاطلاع العام وبين اطلاع العالين منهم وبين اطلاع مسؤول عنه ونقل الخبر إلى هاروت وماروت إلى آخر تلك الروايات التي ملأت بعض الكتب..
إذاً هذا افتراض آخر يقول أصحابه إن الملائكة تمكنت بطريقة ما (لا نعرفها على الحقيقة الثابتة ولا نعرف كنهها بالنصوص الصحيحة ولا كيف تمّت بشكل قطعي)، مكنتها من معرفة بعض ما سطره القلم على اللوح بأمر ربه تعالى جدّه عندما خلقهما سبحانه.. كما أن مسألة الاطلاع على اللوح المحفوظ لم ينقل من وجه ثابت أن الله تعالى أطلع عليه أحداً من خلقه، فهذا مجرد قول مضطرب وعار عن الصحة إذ لا يعقل أن يكون اللوح لوحا محفوظا بأمر الله تعالى ثم يطلع عليه من ليس مأذونا له ثم يستغل هذا العلم وتلك المعرفة في مثل هذا الموقف الرهيب بين يدي الله تعالى في شكل استفهام "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء" وإن كان قد وردت في هذه المسألة أو هذا الافتراض بعض النصوص إلا أن ابن كثير قال عنها بأنها منقولة عن أهل الكتاب أي أنها من الإسرائيليات التي لا يؤخذ بها ولا تقوم حجة في الموضوع، وإن صحت نسبتها إلى بعض الأئمة كأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين الباقر رضي الله عنه الذي يروى عنه "أنهم أي الملائكة اطلعوا على قضية إفساد الخليفة وسفكه الدماء من اللوح المحفوظ، وقيل: أطلعهم عليه هاروت وماروت عن ملك فوقهما" فوإن صحت عنه رضي الله عنه من حيث السند إلا أن فيها نكارة توجب ردّها كما قال ابن كثير في التفسير 1 /219) وفي هذا يقول ابن تيمية رحمه الله في كتابه (الرد على المنطقيين ص:474):"واللوح المحفوظ لا يطلع عليه غير الله" ومع ذلك لا زلنا نجد بعض معاصرينا يتكئ على مثل هذا الافتراض كالسامرائي الذي يقول: "مما ذكر أنهم احتمال أنهم اطلعوا على اللوح المحفوط واللوح المحفوظ كتب فيه كل شيء وما يفعله البشر فرأوا ما يفعله هؤلاء فقالوا (قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء) هم اطلعوا إما بإخبار الله لهم أو بما اطلعوا عليه في اللوح المحفوظ." يعني أن الافتراض ما زال واردا في الكتابات المعاصر على الرغم من تحقيق العلماء بأنها غير مقبولة ولهذا جاء في بعض الفتاوى ما نصه: "أما الاطلاع على اللوح المحفوظ فلم ينقل من وجه ثابت أن الله تعالى أطلع عليه أحداً من الناس، ولو أمكن ذلك لأحد لأُطْلِعَ عليه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم الذي انتهى إلى منتهى لم يبلغه أحد حتى جبريل عليه السلام، وذلك ليلة أسري به صلوات الله وسلامه عليه."
إذا فالتحقيق في هذا الافتراض يفضي إلى ما أفضى إليه في الافتراض الأول وهو أنه غير ثابت وغير وارد في دين الله تعالى وقصص قرآنه مما يعني أن طرحه لحل استشكالهم آية البقرة غير وجيه ولا صواب ومن ثمة فلا يمكن قبوله..
وهكذا نكون قد أسقطنا افتراضين اثنين من مجموع الافتراضات التي وضعت من أجل فهم قوله تعالى "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك" ثم ننتقل إلى الافتراض الثالث الذي يقول أصحابه بأن الملائكة تلقت معرفة ما يقع من الخليفة في الأرض من الله تعالى مباشرة مع إخباره سبحانه لهم بجعله آدم خليفة في الأرض..
#إلا_رسول_الله_ﷺ
#القصص_القرآني