قصيدة القوس العذراء | محمود محمد شاكر | بودكاست بصيرة

كتب الأستاذ عادل الغضبان ضميمة قصيرة ألحقها بالكتاب نشرت في مجلة الكتاب، ه جمادى الأولى سنة ١٣٧١هـ، الموافق لـ أول فبراير سنة ۱۹۰۲ م.

قال: "تلك هى قصيدة الشماخ ، بل تلك هي لؤلؤة من لآلى الشعر العربي القديم، تتعاقب عليها العصور والحقبُ ، وهى حيث هي جدة ولألاء.

استوحى الشماخ فى هذه القصيدة عاطفته ، فوصف قوسًا صنعها قوّاس ثم باعها ، فترقرقت تلك العاطفة بجداول الحب والحنان ، وترنمت بأصوات الزهو والاعتزاز ، واضطرمت بمارج اللوعة والأسى ، فى وصف ساحر بارع ، شَمَخ به الشماخ على عظماء الشعر ممن استلهموا الهياكل والجبال المقدسة.

وتذكرنا قَوْسُ الشماخ بترس أوميروس الذى صنعه سادن النار المؤله للبطل أخيل ، وجعله أسطرلابا للأفلاك وأجرام السماء ، ومحوراً للأرض وما تحويه من خلائق وكائنات. وفى كلا الوصفين من روائع الخيال ورقائق الفن ، ما لا يسلس زمامه إلا للنفس المحلقة والبيان المجنح . وكم لقصيدة الشماخ في تراثنا الجليل من أشباه ونظائر، لو نزعت الغلالات عنها وجُليتْ للناس ، لتكوننَّ الشاهد العدل على العبقرية العربية.

وليست الجوانب الفنية فى قصيدة الشماخ ولا العواطف النبيلة فيها ، ولا الصلات الروحية بين الفن وصاحبه ، ليس كل هذا هو الذى حدانا على كتابة هذه الكلمة ، بل دفعنا إليها اغتباطنا بأن نجد الفن مجازا يصل بين الأرواح المجندة ، وموضوعًا تجرى عليه رسائل الإخوان ، فترقى على سبحات الفن إلى سمٰوات الفكر وفراديس الأدب الخالد.

التقى صديقنا ، رفيق الصبا وخدن الشباب ، الأستاذ محمود محمد شاکر ، بصاحب دار المعارف شفيق مترى ، ولم يكونا قد التقيا من قبل ، وتطرق الحديث بينهما إلى الكلام على العمل وتجويده ، والفن وسحر أواخيه، فإذا بالرجلين روحان مؤتلفان متعارفان ، يقدر كل صاحبه ، ويكبر فيه الهمة الوثابة والهيام بالمثال الأعلى.
وشاء صديقنا الأستاذ محمود محمد شاكر أن يخلد ذلك اللقاء برسالة يعبر فيها عن نظرته إلى الإنسان وإلى الفن ، فكانت قصيدة الشماخ هى المنفذ الذي نفذ منه إلى تصوير أعماق النفوس ، وإبراز المعانى التى مسها الشماخ مسا رفيقًا ، فانقلبت صورًا حية ناطقة ، وأبانت عن مرامى الشعر وأهدافه ، وتألفت منهما ملحمة شعرية فريدة في بابها ، تحتل مكانها من الشعر الإنسانى الخالد."

وقد كتب الأدباء والنقاد كلاما نفيسا عن كتاب القوس العذراء يجدر بكل مهتم بأدبنا العربي الاطلاع عليه.