أسرار الترف والاسراف في عائلة صدام حسين - الحلقة السابعة

الترف في عهد صدام حسين
يصنف الرئيس العراقي السابق صدام حسين كأحد أغنى رؤساء العالم العربي، وأحد أغنى الشخصيات في العالم أثناء حكمه، وذلك بحسب مجلة فوربس الأمريكية، ولا يزال اسم صدام حسين يثير حتى يومنا هذا الجدل بين الشعوب العربية، والتي لا تنفك تبحث عن أيامه الاخيرة وفترة حكمه وصولاً إلى ثروته وقصوره ومقتنياته.
فكم قدرت ثروة صدام حسين؟
وما هي ممتلكاته؟
وماذا حصل لقصوره من بعده؟

تحول العراق في الفترة التي تولى فيها صدام حسين الحكم إلى دولة بوليسية، وأصبح صدام الأكثر نفوذاً في النظام، حتى منح أقرب أقربائه المناصب الرئيسية السياسية والعسكرية خلال سبعينات القرن الماضي، ومنهم ثلاثة أخوة غير أشقاء له وعدد من أبناء عمومه وأخواله وصهره، بالإضافة إلى نجليه عدي وقصي. كما ومنح صدام أصدقاؤه المخلصون مناصب بارزة أيضًا، رغم تنوع خلفياتهم الدينية والعرقية، ولم يكن عدم كونهم من العرب السنة عائقاً يحول دون قربهم من مركز السلطة؛ حيث كان الولاء للرئيس هو العامل الأكثر أهمية بالنسبة لصدام.
وأما صدام ذاته فقد حظي وعائلته خلال فترة حكمه برفاهية عالية وثراء كبير قدر بمليارات الدولارات، بالإضافة إلى عديد الممتلكات الفارهة والقصور والسيارات، حيث تفيد المعلومات بأن صدام امتلك عشرات اليخوت المجهزة بمهبط للمروحيات والعشرات من غرف النوم المزودة بنوافذ واقية من الرصاص، بالإضافة إلى صنابير الماء المصنوعة من الذهب، ومسارح، وعدة مسابح، وممراً للغواصة، كما وأنه امتلك أسطولاً من السيارات الفارهة آنذاك، كان منها السيارات الكلاسيكية، والتي كانت تعود للنظام الملكي الهاشمي قبل أن تصبح لاحقًا من أملاك صدام حسين.
كان صدام حسين يحب ركوب الزوارق واليخوت، كما كان يفضل شراء البدلات الغربية باهظة الثمن، ومن هواياته جمع الأسلحة القديمة والحديثة بالإضافة إلى اليخوت الفاخرة. ومن أهم ممتلكاته بندقية كلاشينكوف الذهبية، ويخت أطلق عليه اسم “قادسية صدام”.
أما بالنسبة للقصور، فقد أحب صدام حسين بناء القصور لنفسه وأقربائه، وروي بأنه كان لا ينام في القصر نفسه أكثر من أيام محدودة، خشية من محاولات اغتياله. وقد بنى خلال فترة رئاسته للعراق أكثر من ثمانين قصرًا، بل أن بعض وسائل الإعلام العربية أكدت بأن عددها قد وصل إلى الضعف.
وبعد الغزو الأمريكي على العراق عام (ألفين وثلاثة) حولت بعض هذه القصور إلى فنادق فاخرة، بينما استخدم بعضها الآخر لاحتياجات الجيش الأمريكي. وأحد هذه القصور تم تحويله إلى أكبر مبنى للسفارة الأمريكية في العالم. وامتازت القصور والمجمعات الرئاسية التي بناها صدام حسين بتصاميمها الهندسية والعمرانية على مستوى العالم، وقدرت قيمتها بمليارات الدولارات.
وتحتضن المنطقة الخضراء شديدة التحصين في وسط بغداد، والتي تضم مقر الحكومة العراقية، معظم وأبرز القصور الرئاسية التي شيدها صدام، والتي تحولت إلى أماكن ومراكز حيوية للساسة من بعد صدام ولعوائلهم ونشاطاتهم الحزبية والسياسية، فيما تحول جزء منها إلى مبان ومقار للمؤسسات الحكومية والأمنية تحديدًا.
ويُعتبر مبنى القصر الجمهوري والمعروف بـ "قصر السلام"، الذي وضع تصاميمه البريطاني جيمس بريان كوبر، من أشهر القصور الرئاسية في العاصمة العراقية، ويقع على ضفة دجلة، وتحول بعد عام (ألفين وثلاثة) إلى مقر للسفارة الأميركية، وكان قصر السلام مقراً لإقامة عدي نجل صدام حسين، وإلى جانبه مقر لأخيه قصي.
ويُعد "قصر السجود" الملكي أيضًا من أكثر القصور الرئاسية جمالًا، ويقع مكانه في منطقة الصالحية، كما يُعدّ قصر "الرضوانية" قرب المطار من أوسع المجمعات الرئاسية في العاصمة، إذ تبلغ مساحته قرابة السبعة أميال مربعة، وهو أول قصر رئاسي دخله مفتشو الأمم المتحدة عام (ألف وتسعمئة وثمانية وتسعين) للبحث عن أسلحة الدمار الشامل المزعومة، وخصصته السلطات العراقية ليكون مقرا للجامعة الأميركية في بغداد.
كما وضمت عموم مناطق البلاد عشرات المجمعات الرئاسية التي شيدها صدام، أبرزها كان في تكريت، حيث ضم المجمع الرئاسي فيها أهم قصرين؛ وهما قصر "الفاروق"، الذي تعرض للقصف الأميركي خلال غزو العراق، وقصر "ذو الفقار"، الذي تحول إلى بناية حكومية.
وتشير التقديرات المتوفرة إلى أن نحو ثمانين مجمعًا رئاسيًا شيدها صدام في عموم مناطق العراق بتصاميم مختلفة، صنفت بالأفضل على مستوى العالم من الناحية الهندسية والعمرانية، والتي تمتلك قيمة حضارية ومادية نادرة، لكنها فقدت الاهتمام الاقتصادي والمادي من الدولة بعد عام (ألفين وثلاثة).
أما بالنسبة لأموال صدام حسين وثروته في المصارف، والتي لا تزال تثير جدلًا واسعا حول الرقم الذي امتلكه الرئيس العراقي السابق، فإن الرقم الأكيد مختلف عليه بين عديد الوكالات والأطراف المعنية، حتى أن الولايات المتحدة الأمريكية كذلك لم تستطع تحديدها بالضبط، ولم تستطع كذلك معرفة المكان الذي خبأت فيها، ولكنها ثروة قدرت بمليارات الدولارات.
وكانت بعض وسائل إعلام قد ذكرت بأن عدة شاحنات اتجهت في منتصف الليل يوم الثامن عشر من آذار/مارس من عام (ألفين وثلاثة)، إلى البنك المركزي في العاصمة العراقية، أي قبل يومين من الغزو الأمريكي، وكان قصي الابن الأصغر لصدام حسين يركب في إحداها. وطالب بمنحه مليار دولار. وقد استغرقت مدة تحميل الأموال إلى الشاحنات عدة ساعات. وبحسب تلك المصادر قام أشخاص يثق بهم الرئيس صدام حسين في اليوم ذاته بسحب أمواله في البنوك السويسرية واللبنانية والهولندية.
بعض أموال صدام قيل إنه تم العثور عليها، بعد اعتقاله وإعدامه، سواء في قصوره أو مكاتبه، كتلك التي نشرت عنها صحيفة “تلغراف” البريطانية والمتضمنة سبعمئة وثمانين مليون دولار تم العثور عليها، من طرف القوات الأمريكية المحتلة موزعة على صناديق يحتوي الواحد منها 4 ملايين دولار. واستُولي على أغلب الممتلكات التي كانت في حوزة الرئيس العراقي السابق والمقربين منه، بعد سقوط الحكومة العراقية في أعقاب الغزو الأمريكي عام (ألفين وثلاثة).