وجه يسوع المسيح - تذكار الرسول متّى الإنجيل
Автор: Fr-Symeon Abouhaidar
Загружено: 2025-11-16
Просмотров: 178
عظة الأب سمعان أبو حيدر في تذكار الرسول متّى الإنجيل
الأحد ١٦ تشرين الثاني ٢٠٢٥ - كنيسة الظهور الإلهي - النقاش
وجه يسوع المسيح
باسم الآب والابن والروح القدس. آمين.
يخبرنا إنجيل اليوم عن دعوة متّى العشّار، حين قال له الربّ: «اتبعني. فقام وتبعه». كان متّى جالسًا على مائدة الجباية، في عمله اليوميّ، لكنّه ترك كلّ شيء من دون تردّد. ما الذي جعله ينهض بهذه السرعة؟ ما الذي حرّك قلبه في لحظة؟
يجيب القدّيس ثيوفيلاكتوس رئيس أساقفة أوخريدا (رئيس أساقفة البلغار في القرنين الحادي عشر والثاني عشر، الذي وضع تفسيرًا يلخّص حكمة الآباء في شرح الكتاب)، بأنّ اهتداءه بكلمة واحدة هو «دليل على عمل الله»، أي أنّ نعمة الربّ هي التي ألهمته التوبة وفتح قلبه لقبول الدعوة. يعلن يسوع في آخر الإنجيل «لأني لم آت لأدعو صدّيقين بل خطاة الى التوبة»، لم يكن متّى من الذين يرون أنفسهم أبرارًا، بل كان متواضعًا، والتواضع هو الباب إلى النعمة.
أمّا القدّيس بيدا (راهب إنكليزي من القرن الثامن) فيكتب: «لا عجب أنّ متّى العشّار ترك أمواله حين سمع صوت الربّ، لأنّ النّور الإلهيّ أشرق في قلبه، ففهم أنّ الذي يدعوه قادر أن يمنحه الكنوز غير الفاسدة في السماء». ويستشهد بكلام بولس الرسول: أن الله الذي قال: «أن يشرق نور من ظلمة»، هو الذي أشرق في قلوبنا، لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح» (٢ كو ٤: ٦). في إنجيل اليوم، رأى متّى هذا «الوجه» بعينيه الجسديّتين، والنُّور الذي أشرق فيه لم يكن مجازيًّا، بل حضورًا حقيقيًّا لـ«وجه يسوع المسيح» الذي غيّر مسار حياته. ونحن أيضًا يكلّمنا الإنجيل مباشرة: فما الذي نراه نحن في وجه يسوع؟ هل نراه مجرّد شخصية تاريخيّة، أم مخلّصًا حيًّا قادرًا أن يحوّل حياتنا؟
هذا النور الإلهيّ الذي دعا متّى، هو نفسه الذي أخرج إبراهيم بالإيمان من أرضه: لأنّه «لما دُعي أطاع أن يخرج إلى المكان الذي كان عتيدًا أن يأخذه ميراثًا، فخرج وهو لا يعلم إلى أين يأتي» (عب ١١: ٨). وهذا ما نفتقده نحن أحيانًا حين نربط طاعة الله بالظروف، أو نؤجّل الاستجابة لحين ترتاح حياتنا أو يخفّ الضغط….
ومثال آخر نراه مع القدّيس أنطونيوس الكبير، الذي عندما سمع في الكنيسة قول الربّ: «إن أردت أن تكون كاملًا فاذهب وبعْ أملاكك وأعط الفقراء، فيكون لك كنزٌ في السماء، وتعال اتبعني» (مت ١٩: ٢١-٢٢)، مضى في الحال وباع كلّ ما يملك، وخرج الى الصحراء.
ما لم يفعله الشابّ الغنيّ فعله أنطونيوس بعد قرون، بدافع من النعمة نفسها. وكذلك المغبوط أوغسطينوس، الذي بعد سماعه خبر توبة أنطونيوس، سمع هو نفسه الكلمة الإلهيّة، فامتلأ قلبه نورًا، وقال: «انسكب في قلبي نور صفاء فزالت في الحال ظلمة الشكّ».
إنّ هذه «الاستنارة» هي جوهر التوبة بحسب تعليم الآباء، وهي التي تمكّن الإنسان من عيش ما يسمّيه القدّيس يوحنّا السلّمي «الغربة»، أي التحرّر من كلّ ما يربطنا بالعالم ويمنعنا من السير نحو الله. الغربة ليست هروبًا، بل توجيه القلب نحو المُلك الذي لا يفنى.
وهكذا عاش الرسول متّى بعد دعوته، سائحًا وغريبًا في الأرض من أجل الإنجيل. يخبرنا التقليد أنّه ذهب إلى الحبشة، وهناك واجه الاضطهاد، لكنّ وجهه أضاء بالنُّور، حتى أُصيب الجنود الذين أُرسلوا للقبض عليه بالعمى من سطوع وجهه، كما حدث مع موسى بعد لقائه بالله في سيناء.
يا أحبّة، كلّ واحد منّا يلتقي المسيح في مكان ما: في بيته، في عمله، في صلاته، في ضيقته، أو في ضعفه. دعوة متّى ليست قصّة من الماضي، بل دعوة اليوم لكلّ واحد منّا: «اتبعني». تمامًا كما حمل متّى حتّى نهاية حياته طوال تلك السنين نور وجه يسوع الذي أشرق في قلبه يوم دعوته. واستمر هذا النُّور متّقدًا فيه، وازداد بريقه، حتّى صار وجهه في النهاية يعكس نور وجه المسيح نفسه. آمين.
Доступные форматы для скачивания:
Скачать видео mp4
-
Информация по загрузке: