ميزانية تونس.. نصف الإنفاق على الرواتب والدعم بينما الشعب يدفع الثمن

كشف تقرير وزارة المالية التونسية للنصف الأول من 2025 عن أرقام صادمة: 3.7 مليارات دولار صُرفت على الرواتب، أي بزيادة 3.3% مقارنة بالسنة الماضية، وهو ما يعادل تقريبًا نصف ميزانية الدولة السنوية. وفي المقابل، لا يتجاوز حجم الدعم الاجتماعي الموجّه للفئات محدودة الدخل 600 مليون دولار، فيما يواصل دعم المحروقات والمواد الأساسية والنقل العام استنزاف الخزينة وتعميق العجز، من دون حلول هيكلية واضحة.

ويؤكد خبراء اقتصاديون أن كتلة الأجور باتت تلتهم قرابة ثلثي مداخيل الدولة، بعد أن تضاعفت أكثر من ثلاث مرات منذ 2011، بينما تعيش المؤسسات العمومية على وقع الديون والإدارة المتعثرة. شركات كـ الخطوط التونسية والكهرباء والغاز والصيدلية المركزية تحولت من أذرع للدولة إلى عبء ثقيل على ميزانيتها.

ورغم تخصيص الحكومة حوالي 825 مليون دولار لمشاريع استثمارية وتنموية، يبقى الرقم هزيلاً أمام حجم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. صحيح أن الناتج المحلي الإجمالي سجّل نموًا بـ 2.4% مع تراجع طفيف للبطالة، لكن هذه المؤشرات لم تنعكس على حياة المواطن ولا على خلق فرص عمل حقيقية.

أما ماليًا، فلا يتجاوز الاحتياطي من العملة الصعبة ما يغطي 108 أيام واردات فقط، في وقت يواصل الدين العمومي التضخم ويضغط مباشرة على المواطن عبر الضرائب وارتفاع الأسعار.

الصورة العامة تكشف عن معادلة مختلة: دولة تُقرض نفسها لتغطية أجور لا تنتج، وتكتفي بوعود إنشائية عن الاستثمار والتنمية، بينما يزداد المواطن سحقًا تحت وطأة الغلاء وانسداد الأفق.
#تونس
#قيس_سعيد
#انقلاب_تونس