#قصة

#قصص_مسموعة_للمكفوفين​ #سوق_الحكايات_والقصص​ #ضع_السماعات_أغلق_عينيك_واستمع​
#ضع_السماعات_أغلق_عينيك_واستمع​ #قصص_مسموعة_للمكفوفين​ #سوق_الحكايات_والقصص​
_________________________________________
قصة الراعي الفقير الذي أنقذ قطاً أسود واكتشف أنه جني.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
على أطراف قرية نائية، حيث تلتقي قسوة الصحراء بجفاء القلوب، كانت الشمس تجر أذيالها الحمراء إيذانًا بالرحيل، تاركة خلفها أرضاً تشققت من العطش وجواً مشبعاً بغبار الفقر. هناك، كان "سالم" يسوق أمامه نعاجاً عجافاً، لا تكاد تقوى على حمل صوفها الباهت. كان سالم شاباً في مقتبل العمر، لكن الحياة رسمت على وجهه أخاديد جعلته يبدو كهلاً؛ ثيابه التي رُقّعت مائة مرة كانت تحكي قصة صراع يومي من أجل البقاء، وعيناه الغائرتان تحملان نظرة انكسار لم تكن وليدة اللحظة، بل وليدة سنين من التهميش.
1
قبل أن نكمل هذه القصة الشيقة، أخبرونا في التعليقات من أي بلد أو مدينة تشاهدون هذا الفيديو. والآن لنكمل القصة.
لم يكن فقر سالم هو عيبه الوحيد في نظر أهل قريته "دير الحجر"، بل كان يُتّمُه وضعف حاله سبباً كافياً ليكون منبوذاً. كان إذا مرّ بسوق القرية، أشاح التجار بوجوههم عنه كأنما يخشون أن تعديهم رائحة الفقر، وإذا وقف بباب الخباز يرقب رغيفاً ساخناً، زجره الناس بنظراتهم قبل أيديهم.
كان المشهد الأكثر إيلاماً يتكرر كل ظهيرة عند بئر القرية الوحيد. كان سالم يقف بعيداً تحت لهيب الشمس الحارق، يرقب الدلاء وهي تصعد وتهبط، والماء ينسكب ببرودة منعشة على أقدام الماشية القوية التي يملكها أغنياء القرية. كان يرى الماء يُهدر على الأرض، بينما حلقه جاف كخشب يابس، ونعاجه تمد أعناقها تطلب قطرة تبل بها عروقها. لم يكن يجرؤ على التقدم؛ فقد كان القانون غير المكتوب في تلك القرية يقضي بأن يشرب الجميع، وتسقى دواب القوم، وتُغسل الأواني، ثم إن بقي في القاع ماء ممزوج بالطين، سُمح لسالم بالاقتراب. كان يبتلع ريقه بصعوبة، ويسحب نعاجه بعيداً، مفضلاً الموت عطشاً على نظرة شفقة كاذبة أو دفعة مهينة من أحد الحراس.
2
في تلك الليلة، لم تكن السماء عادية. كانت الغيوم السوداء تتجمع فوق الجبال كجيش يستعد للهجوم، والريح بدأت تعوي بصوت يشبه أنين الذئاب الجائعة. كان الهواء يحمل رائحة المطر الممزوج بالتراب، نذير عاصفة هوجاء لا تبقي ولا تذر. شعر سالم بالبرد يتسلل إلى عظامه الرقيقة، فجمع نعاجه وحثها على السير نحو كوخه المتداعي الواقع في أقصى طرف القرية، بعيداً عن بيوت الطين المتراصة، وكأنه حتى في سكنه كُتب عليه العزلة.
بينما كان يعبر زقاقاً ضيقاً مظلماً، سمع صوتاً اخترق صفير الريح؛ لم يكن صوت بشر، بل كان أنيناً مكتوماً ممزوجاً بصوت ارتطام حجارة. توقف قلبه للحظة، فالرحمة التي في قلبه كانت الشيء الوحيد الذي لم يستطع الفقر انتزاعه منه. اقترب بخطوات حذرة نحو مصدر الصوت، وهناك، تحت ضوء فانوس خافت معلق على جدار أحد البيوت، رأى مشهداً أدمى قلبه.
3
كانت مجموعة من شبان القرية المستهترين يتحلقون حول زاوية ضيقة، وبأيديهم حجارة وعصي، يرمونها بقسوة وضحكاتهم تعلو مع كل إصابة. في الزاوية، كان هناك جسد صغير أسود يرتجف، قط أسود حالك السواد، عيناه تلمعان برعب، وقد حوصر بلا مهرب. كان الشبان يصرخون بحركاتهم ووجوههم المكفهرة أن هذا القط "نذير شؤم" ويجب الخلاص منه قبل أن تحل العاصفة.
لم يفكر سالم مرتين. لم يفكر في جسده الهزيل الذي لا يقوى على ضربة عصا، ولا في مكانته المنحطة بينهم التي قد تجلب له المزيد من الأذى. تحركت فيه غريزة حماية الضعيف، فانطلق كالسهم ورمى بنفسه فوق القط الصغير، محولاً ظهره الهزيل إلى درع يتلقى الحجارة بدلاً من المخلوق المسكين. شعر بألم حاد في كتفه، وآخر في ساقه، لكنه لم يتزحزح. ضم القط إلى صدره، وغطاه بعباءته الممزقة، ونظر إلى المعتدين نظرة لم يعهدوها منه؛ لم تكن نظرة انكسار، بل نظرة عتاب صامت وقوة غريبة جعلتهم يتوقفون لبرهة.
_________________________________________
#قصص_مسموعة_للمكفوفين​ #سوق_الحكايات_والقصص​ #ضع_السماعات_أغلق_عينيك_واستمع​
#ضع_السماعات_أغلق_عينيك_واستمع​ #قصص_مسموعة_للمكفوفين​ #سوق_الحكايات_والقصص​