مستجدات تمليك أراضي الجماعات السلالية -الجزء1

يعتبر مشروع تمليك الأراضي السلالية مشروعا مهما، ومن أجل ضمان نجاحه وضع المشرع مجموعة من الشروط التي يتعين تحققها، يهم بعضها الأشخاص المستفيدين منه، ويهم البعض الآخر العقارات موضوع التمليك.
كما وضع المشرع مسطرة مفصلة وواضحة لإجراءات التمليك تفاديا لأي غموض يؤدي إلى ظهور تفسيرات و تأويلات من شأنها تحريف إرادة المشرع.
ونظرا للرهانات المهمة التي يسعى مشروع التمليك إلى الوصول إليها، فإن السيد عبد المجيد الحنكاري مدير مديرية الشؤون القروية بوزارة الداخلية، يدعو إلى تظافر مجهودات جميع المتدخلين سواء كانوا مباشرين أو غير مباشرين من أجل إنجاح تنزيل هذا الورش الملكي ، وهو ما يطرح مجموعة من التحديات التي يتعين تجاوزها.
ومن أهم المستجدات التي أتي بها القانون رقم 62.17 المتعلق بالوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، أنه فتح المجال للسلطات العمومية من أجل تمليك القطع الأرضية الفلاحية البورية الجماعية لفائدة مستغليها، وذلك تفعيلا لتعليمات جلالة الملك الواردة في الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية حول السياسة العقارية للدولة المنعقدة يومي 8 و9 دجنبر 2015 بمدينة الصخيرات ؛ فضلا عن ما ورد في خطابه بتاریخ 12 أكتوبر 2018 بمناسبة افتتاح دورة الخريف بالبرلمان، حين دعا جلالته إلى إيجاد الآليات القانونية والإدارية الملائمة لتوسيع عملية التمليك لفائدة ذوي الحقوق لتشمل بعض الأراضي الفلاحية البورية إسوة بما سيعمل به بالنسبة للأراضي السلالية الجماعية الواقعة داخل دوائر الري . وتمت إعادة التأكيد على هذا المطلب من خلال الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية العاشرة يوم 9 أكتوبر 2020 ، عندما قال جلالته: "تشكل عملية تعبئة مليون هكتار، من الأراضي الفلاحية الجماعية، لفائدة المستثمرين وذوي الحقوق، رافعة أساسية ضمن هذه الاستراتيجية".
بالرجوع إلى المادة 17 من القانون رقم 62.17 والمادة 20 و ما يليها من المرسوم التطبيقي للقانون المذكور نجد أن المشرع وضع شروطا من اللازم توفرها في المترشحين للتمليك وفي العقارات موضوع التمليك، بالإضافة إلى بیانه للمسطرة التي يتعين سلوكها من أجل إنجاز عمليات إسناد القطع الأرضية الفلاحية على وجه الملكية إلى المنتفعين بها أعضاء الجماعة السلالية.
ويرى بعض الفقه أن تمليك الأرض الجماعية لذوي الحقوق المتصرفين فيها ليس بالسهولة التي تداولته بعض الصحف بل إن هذا التمليك وإن كان مجانيا فإنه تعتريه صعوبات جمة إذ أن المتصرف في الأرض الجماعية لا بد له من التضحية بوقته وماله لكي يصبح مالكا لعقار ازداد به و ورثه عن أجداده وآبائه ومع ذلك فإن صفته كمنتفع كباقي ذوي الحقوق لا تعطيه حق التملك بمجرد المطالبة بالتمليك بل لا بد من خضوعه لشروط تعجيزية ،الغالبية العظمى من ذوي الحقوق ليس بإمكانها تلبية هذه الشروط.
وعليه، سنحاول التطرق في المطلب الأول إلى الشروط الموضوعية لتمليك أراضي الجماعات السلالية البورية، تم نتطرق في المطلب الثاني إلى الشروط المسطرية لعملية تمليك أراضي الجماعات السلالية البورية.