إطلاق كتاب "يتكلّم بعد" للقس بولس حداد
Автор: Rev. Boulos Haddad
Загружено: 2022-10-17
Просмотров: 3791
هناك صفاتٌ عدّة يتميّز بها الواعظُ الموهوب والممسوح والمؤثّر في حياة الآخرين، وأهمّها الأمانة لتعليم كلمة الله بالشكل الصحيح. ويتطلّب هذا صرفَ ساعات طِوال في دراسة الكلمة وفهمها وربطها بعضها ببعض. ثمّ هناك المهارة في تقديم دروس قيّمة من الكتاب المقدّس بطريقة سلسة ومشوّقة ومبسّطة بحيث يستطيع السّامع أن يفهمَ بوضوح ما يطلبه منه إيمانُه. ويتكلّم هذا الواعظ بسلطان، لكن ليس بسلطانه الشخصي بل بسلطان من يمثّل، ويقدّم موضوعَه بقناعةٍ مطلقةٍ مبنيّةٍ على تجذّر الكلمة في فكره وفي حياته. يعظ بشغف، ويحثّ المؤمنين على أن ينموا وينضجوا في إيمانهم وقداستهم وتعلّقهم بالرّبّ يسوع وبكلمته، كما يحثّ غير المؤمنين على أن يرفضوا حبَّ العالم ويتمسّكوا بالمخلّص الوحيد الذي يستطيع أن يغيّر حياتهم.
كان القسّيس بولس حدَّاد مِن هذه النخبة من الوعّاظ الموهوبين والممسوحين. جسّد هذه الصفات بكلّ أبعادها وعلى مرّ عقودٍ من الوعظ. درس الكلمة بشغفٍ وعمق، وقرأ الكثيرَ من الكتب الروحيّة واللاهوتيّة متابعًا أحدث الدراسات الكتابيّة. عُرِف بمثابرته مهما كانت الظروف، وبجديّته في مسؤوليّاته، وبمواظبته على الخدمة حتى آخر أيّام حياته. أثّر في حياة الكثيرين، وربّى أجيالاً من المؤمنين، وأطلق العديدَ من القادة.
هناك أيضًا صفاتٌ عدّة تتميّز بها الموعظةُ الفعّالة والمؤثّرة، وأهمّها أنّها تُظهر الحقَّ الكتابي بوضوح وأمانة، بدءًا من النّص الأساسي وامتدادًا إلى مفهومٍ شاملٍ يستند إلى الكتاب المقدّس بعهديه. ثمّ تُقدِّم الموعظة المؤثّرة تفسيرًا جيّدًا عن الموضوع المُتناوَل مع تحليلٍ عميق ومقاربةٍ شاملة. بالإضافة إلى ذلك، كي تكون الموعظةُ فعّالةً، لا بدّ من أن تكون هادفة؛ هادفة بتوقيتها فتُقدّم موضوعًا يُعالجُ حاجةَ الساعة، وهادفة بأسلوبها فتشرح الدروسَ الكتابيّة بأسلوبٍ مفهوم وواضح وعمليّ لجمهور السامعين. وتُشجّع عند الحاجة إلى التشجيع، وتُوبّخ عند الحاجة إلى التوبيخ، ودائمًا تَحثّ على الفعل والطاعة والتجاوب مع ما تعلّمة كلمة الله. عند الإصغاء إلى الموعظة الفعّالة، يفهم السّامع بوضوح ما تقوله كلمة الله، ويدرك بالتحديد ما عليه أن يفعل للتجاوب معها.
نرى هذه الصفات في جميع مواعظ القسّيس بولس حدَّاد. فقد كان متمسّكًا بمفهومه للحق الكتابي، ولم يساوم يومًا على قناعاته. كان عميقًا في لاهوته الكتابي وفهمه الشامل لمحتوى الكتاب المقدّس، وبارعًا في اكتشاف الروابط بين الأسفار والمقاطع، وماهرًا في إظهارها وتفسيرها وتبسيطها ليفهمها السّامع بوضوح. كانت جميع مواعظه هادفةً، وكان يعرف رعيّته وسامعيه، ويعرف حاجاتهم وتحدّياتهم ومستوى فهمهم ومعرفتهم، ويقدّم لهم التعليم المناسب في الوقت المناسب. وكان الاستماعُ إلى مواعظه متعةً ألِفَها كثيرون، لكنّها لم تكن يومًا سهلة لأنّها غالبًا ما وَبّخت السّامع وتَحدّته وحَثّته. إنَّ هذه المفارقة هي التي ساعدت كثيرين على النموّ والنضوج والتعلّق بالرّب يسوع.
وكان القسّيس بولس بمثابة مدرسةٍ تَخرّج فيها العديدُ من رعاة ووعّاظ لبنان، وانتشر تأثيرُ هذه المدرسة إلى خارج لبنان أيضًا. وقد ترك إرثًا من التعليم ما زال كثيرون يستفيدون منه، وكان في طليعة الرعيل الأوّل من القادة المعمدانيّين في لبنان الذين بنوا أساسًا متينًا للخدمة الكنسيّة التي ما زالت تنمو حتّى اليوم.
وعَرفتُ القسّيس بولس منذ صغري. فقد كان معروفًا بين عائلته بجديّته ومثابرته والتزامه بمهامّ الخدمة، وأصبح مصدرَ إلهامٍ ومثالاً أعلى لي ولجيلي الذي عاصره. لا عجبَ أنّ جميعَ أفراد أسرته والعددَ الكبير من عائلته قضوا حياتهم في خدمة الربّ.
يحتوي هذا الكتاب على باقةٍ من عظاته الغنيّة والمتنوّعة، وقد قدَّمَ أكثرَها في خضمّ الحرب الأهليّة في لبنان بين سنة ١٩٧٥ و١٩٩٠. ساعدت هذه العظاتُ المؤمنين في ذلك الوقت على الصمود في وجه التحدّيات ومحاربات إبليس، وكانت أيضًا الوقودَ لنموّهم في فهم إرادة الله في أثناء تلك الظروف الحالكة. وعلّمتهم أيضًا تحمّلَ المسؤوليّة، وبناءَ إيمان مؤسّس على الصّخر، والالتزامَ بنهجِ حياة يختلف عن الآخرين.
اليوم، نواجه ظروفًا صعبة لا تختلف كثيرًا عن ذلك الوقت، وهذه المواعظ مليئةٌ بحقائق لا يغيّرها الزمن وهي مفيدةٌ لنا اليوم كما كانت سابقًا. فلا شكّ في أنّ الله سيستخدمها لتغيير حياة القارئ الجِدّيّ.
إيلي عبد المسيح حدّاد
رئيس كليّة اللاهوت المعمدانيّة العربيّة
Доступные форматы для скачивания:
Скачать видео mp4
-
Информация по загрузке: