كيف يبني الوحي إيمان المسلمين الجدد؟ | محاضرة | د. محمد النوباني
Автор: محمد النوباني
Загружено: 2025-08-22
Просмотров: 910
في هذه المحاضرة يتحدث الدكتور محمد النوباني عن المنهج القرآني في بناء الإيمان عند المسلمين الجدد. والفكرة الأساس فيها أن الدعوة ليست اجتهاداً شخصياً ولا عملاً عاطفياً، وإنما هي منهج رباني كامل، أنزله الله وسار به النبي ﷺ خطوة بعد خطوة حتى صنع الإنسان المسلم، ثم الجماعة، ثم الدولة، ثم الأمة. وهذا المنهج يبدأ من القرآن، فالقرآن نزل مفرقاً ليبني الإيمان بالتدرج، ويربي المسلم على الثبات والقدرة على مواجهة الواقع.
النبي ﷺ لم يبدأ بدولة ولا بحركة سياسية، بل بدأ ببناء الإنسان. مرّت الدعوة بمراحل محددة: الدعوة السرية في مكة، ثم الجهر بها ومواجهة ثقافة المجتمع، ثم طلب النصرة ليقيم كياناً مستقلاً، ثم بناء الدولة في المدينة، ثم التوسع ونشر الإسلام، حتى اكتمل النموذج قبل وفاته ﷺ. وكل مرحلة نزل فيها قرآن خاص بها، يربي على ما تحتاجه من قيم ومفاهيم.
المرحلة الأولى في مكة، وفيها نزلت نحو 21 سورة قصيرة، وهذه السور كانت الأساس في بناء المسلم الجديد. ففي سورة العلق يتعلم المسلم أن يتجرد من كل اعتماد على نفسه أو على المجتمع، وأن يرتبط بالله وحده، وأن يتغلب على عقبتين: غرور النفس التي ترى نفسها غنية، وضغط المجتمع الذي يمنعه من الصلاة. وفي سورة القلم يتعلم أن يعظّم الوحي، وأن يعرف أن هذا الكتاب أعظم من كل ما عند البشر. وفي سورة المزمل يتربى على قيمة الوقت، فالليل والنهار كلهما ميدان عمل وعبادة، ليس فيهما وقت ضائع. وفي سورة المدثر يتعلم الشجاعة في الدعوة، ولو كان وحيداً في وجه مجتمع كامل. وفي سورة الكافرون يعلن انحيازه الكامل للحق، “لكم دينكم ولي دين”، فلا مساومة ولا مداهنة. وفي سور أخرى مثل الفجر والشمس والأعلى يتعلم أن العقل له دور في ضبط الحواس لا في أن يكون هو المصدر الوحيد للمعرفة، لأن الإيمان يقوم على الغيب قبل كل شيء. والقرآن يعيد تشكيل معاييره: الكرامة ليست في المال ولا في الجاه، بل في رضا الله، والزيادة ليست في كثرة الأموال، بل في البركة والعطاء، والديانة ليست صلاة جوفاء، بل هي رحمة باليتيم وإحسان إلى المحتاج.
كل هذه السور كانت تعيد صياغة عقل المسلم وقلبه، تعطيه برنامجاً جديداً في التفكير والسلوك، حتى يصبح إنساناً آخر: واثقاً بالله، ثابتاً على الحق، يشعر أنه متفوق بقيمه وحضارته، مستعداً أن يواجه المجتمع كله ولو كان وحده، لأنه يعلم أن الله معه.
وهنا تظهر قضية الانبهار والإعجاز. كل نبي جاء بمعجزة تبهر قومه، فيؤمن من يؤمن. ومعجزة محمد ﷺ كانت القرآن. وهذا القرآن لم يكن فقط كلمات بليغة، بل كان يكشف سنن الله في النفس والتاريخ، فيترك السامع مبهوراً عاجزاً أمام هذا البيان وهذه الحكمة. ولذلك كان لا بد للمسلم الجديد أن يعيش حالة انبهار بالقرآن، حتى لا يذوب أمام حضارة الغرب المادية أو غيرها. والانبهار هنا ليس ضعفاً، بل هو أساس في تكوين شخصية المؤمن، لأنه يفتح قلبه على الوحي ويقطع تعلقه بما سواه.
ولم يقف الخطاب القرآني عند حدود العقيدة الفردية، بل صنع للمسلم الجديد شعوراً بالتفوق القيمي والحضاري. علّمه أن الإسلام أرقى من كل ما تقدمه الجاهلية من قيم مادية. فمن دخل الإسلام ولم يشعر بهذا التفوق، فإنه سرعان ما يعود إلى ما كان عليه، أما إذا امتلأ قلبه بيقين أن ما بين يديه أعظم من كل حضارات الأرض، فإنه يثبت ولا يتراجع.
هذا كله يقودنا إلى الهدف: أن منهج بناء المسلم الجديد اليوم هو نفسه المنهج القرآني النبوي. ندرسه من خلال أوائل السور المكية، نفهم كيف خاطبت الصحابة الأوائل، كيف زرعت فيهم الثبات، كيف أجابت عن أسئلتهم الكبرى: لماذا خلقنا؟ ما مصيرنا؟ ما معنى الحياة والموت؟ وكيف ربطتهم بالله والوحي، وأعطتهم القدرة على الصبر والثبات، والدعوة ولو بأبسط الإمكانات.
الخلاصة أن الطريق ليس أن نبتكر أساليب من عندنا أو أن نقلّد تجارب غيرنا، بل أن نعود إلى المنهج الذي سار به النبي ﷺ مع أوائل المسلمين. هذا المنهج يقوم على التدرج، وعلى ترتيب الأولويات، وعلى تعميق الارتباط بالله والوحي، وعلى زرع التفوق القيمي والحضاري، وعلى تعليم المسلم الجديد قيمة الوقت، والجرأة في الدعوة، وربط العبادة بالسلوك الاجتماعي. وهذا هو الضمان لبناء إيمان راسخ يحمي المسلم الجديد من الذوبان في أي حضارة أخرى.
مؤلفات و مواقع التواصل الخاصة بالدكتور محمد النوباني :
https://linktr.ee/Mohammad_ALNobani
#القرآن_الكريم #تدبر_آيات #التدبر_في_القرآن
#القرآن_الكريم #تدبر_آيات #التدبر_في_القرآن
#المنهاج #السيرة_النبوية #ترتيب_النزول #إمامة_الوحي
#على_منهاج_النبوة #د_محمد_النوباني #محمد_النوباني#الحضارة_الإسلامية
Доступные форматы для скачивания:
Скачать видео mp4
-
Информация по загрузке: