المجلس 12 -صفة خفّ ونعلِ الحبيب ﷺ - الشمائل المحمدية - الحبيب محمد السقاف

◻️باب خُفّ رسول الله ﷺ

🔹في هذا الباب تكلم عن وصف خُفّ رسول الله عليه الصلاة والسلام, وورد أن له أربع أزواج من الخف, بعضها غنيمة من بعض الغزوات ومنها ما جاء في الحديث أنها هدية, والخف ما كان مصنوعا من الجلد.
والأحاديث التي ذكرت المسح على الخفين بلغت حد التواتر, ولبسهما النبي ﷺ في حضر وفي سفر ومسح عليهما, والصحابة لما بعثهم النبي ﷺ في سرية في أيام برد شكوا ذلك فقال لهم امسحوا على العصائب (العمائم) والتساخين (الخفاف).

🔹وأما المسح على الجوارب فيها حديث ضعيف.. والجوارب في ذلك الزمان مصنوعة من الجلد إلا أنها غير مُنعلة, فالخف يغطي القدم إلى الكعبين ويوضع في بطنه قطع غليظة, وهي المقصودة بالخصف كما في الحديث أنه عليه الصلاة والسلام كان يخصف نعله, والجورب جلد يصلح المشي عليه إلا أنه لا يكون له طبقات غليظة من أسفله, فهذه هي المقصودة بالمسح على الجوارب.

🔹وأما اليوم ما نُسميها بـ(الشراريب) خفيفة ولا يمكن تتابع المشي عليها فلا يصح المسح عليها, وإن كان من المتأخرين تساهلوا في المسح على الجوارب التي هي الشراريب, وهذه المسألة تحتاج إلى نظر, والأولى لصاحب العزيمة والاحتياط أن يتوضأ وضوءً كاملا معتبرا عند المذاهب لأن الوضوء مفتاح للصلاة التي هي أساس الدين وعموده, فينبغي الإحسان فيها.
إذن إذا اضطر الإنسان في بعض الأحيان لأسباب أن يأخذ بهذا القول للمتأخرين, والبعض يرى أن لا يشدد على من كان ضعيف الهمة في تدينه.. والمسألة فقهية تُنظر في بابها..

🔹في الحديث رقم (73) ذكر النجاشي رضي الله عنه ملك الحبشة, والنبي عليه الصلاة والسلام أمر الصحابة في الأيام التي اشتد فيها الأذى عليهم أن اذهبوا إلى الحبشة فإن فيها ملكا لا يظلم, وأرسل إليه النبي ليُسلم فأسلم, ولما مات في الحبشة صلى النبي ﷺ عليه وهو في المدينة, لذا شرعت صلاة الغائب, قال صلوا على أخ لكم توفى.. والنجاشي يستحق ذلك الشرف فقد خدم النبي خدمة عظيمة, وكان يرسل إليه الهدايا في وقت عصيب.
ذكر في الحديث أن النجاشي أهدى للنبي عليه الصلاة والسلام خُفين, قال الراوي: "فلبسهما.." وهذا من السنة إذا جاءتك هدية أن تُعجل في استخدامها ادخالًا للسرور على صاحبها, فلا تضعها في دولاب مثلا أو على جنب وتهملها وتنساها! ورأيت كثير من مشايخنا يستعمل الهدية ويفرحون بها بل وإذا استطاعوا أن يلبسوها مباشرة أمام صاحبها يفعلون ذلك.

🔹ذكر في مُلحق الحديث رقم (74) أن النبي ﷺ "لبسهما حتى تخرّفا" ومنه نعلم أنه يسن لبس الثوب حتى يصل إلى حد الاستهلاك, والبعض قد يستبدل الثوب بسرعة وهو لا يزال قابلا لأن يُلبس, وهذا دائما لأهل العقول الصغيرة الذين يشتغلون بمظاهرهم لا بجواهرهم! والتبديل الكثير للملابس من قِلة العقل, وسببه مد العين! قال تعالى: {ولا تمدن عينيك..} إذن لابد من القناعة حتى لا يمد الشخص عينه.. الله يوفر عقولنا ويرزقنا القناعة.

🔹وهناك روايات أخرى في الخف تجدونها في أبواب الفقه.

◻️باب نَعلِ رسول الله ﷺ

🔹الحديث عن نعل رسول الله ﷺ طويل وله شجون, وورد أنه عليه الصلاة والسلام قال: استكثروا من النعال, والنعال مركوب الإنسان ومن نعم المولى عليه, فكما أن اللباس نعمة يستر بها عورته.. كذلك النعال لباس شريف يقي الإنسان كثير من المشكلات ومن الضرر, فالإسلام يحافظ على صحة الإنسان وجسمه من كل ما يضره.

🔹يوجد مقطع فيديو تقريبي عملناه عن حذاء النبي ﷺ أرجو أن تراجعوه.

🔹من سنته عليه الصلاة والسلام في النعال أنه يعتني أن يكون جيدًا ويحافظ عليه, فلم يكن يترخص في النعال؛ فالحذاء يحافظ على القدم التي هي مركز ومحمل الجِسم, وأي انحراف فيه ربما يؤدي بضرر على جسمه سواء في ظهره وفقراته وركبه, وهذا أمر مُجرب ويعرفه الأطباء أكثر, فالإنسان إذا اشترى حذاء لابد يهتم بالصحة فيه قبل التجمل والاهتمام بالمظهر.

🔹تجد بعض النساء يبالغن في اتخاذ المظهر وتجد عندها كعب طويل وجزمة ضيقة.. تصبر على الألم لأجل أعين الناس! ومن فعل ذلك فإنه يهدم نفسه بيده ويشترون الشقاء بماله! الله يرزقنا حسن النظر فيما يصلح ديننا ودنيانا.

🔹كان ابن مسعود رضي الله عنه يحمل نعال النبي ﷺ, وكان يقول مفتخرا بذلك أنا حامل نعل رسول الله ﷺ, وأيضا يحمل سواكه ووسادته وربما عصاه, فكان هو صاحب النعال, فإذا خلع النبي نعاله.. جاء ابن مسعود ووضعها في ذراعيه, وطول نعاله عليه الصلاة والسلام شبر وإصبعين, وكان ابن مسعود قصير البنية فإذا وضعها بين يديه غطت ذراعه كله, فإذا أرادها النبي ﷺ وضعها ابن مسعود رضي الله عنه عند رجليه الشريفتين.. وهو من أكبر رواة القرآن حيث ترجع إليه أكثر القراءات العشر, ومن أكبر رواة الحديث ومن كبار الفقهاء, وقال في فترة من الفترات لا أظن أحد أفقه مني إلا علي بن أبي طالب!