قصة اصحاب الاخدود " قصه حقيقيه ذكرها القران الكريم "

قِصَّةُ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ
كَانَ فِي زَمَنٍ غَابِرٍ، مَلِكٌ جَبَّارٌ مُتَكَبِّرٌ، يَعْبُدُ الْأَوْثَانَ، وَيَطْغَى عَلَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ.
وَكَانَ هُنَاكَ غُلَامٌ صَغِيرٌ، قَدْ أُلْقِيَ فِي قَلْبِهِ نُورُ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ. كَانَ هَذَا الْغُلَامُ يَتَرَدَّدُ عَلَى رَاهِبٍ مُؤْمِنٍ، فَيَتَلَقَّى مِنْهُ الْهُدَى، وَيَزْدَادُ إِيمَانًا وَيَقِينًا. وَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْغُلَامِ بِبَعْضِ الْمُعْجِزَاتِ، فَكَانَ يَشْفِي الْمَرْضَى وَيُبْرِئُ ذَوِي الْعَاهَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ. فَانْتَشَرَ خَبَرُهُ، وَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ.
فَلَمَّا بَلَغَ الْمَلِكَ خَبَرُ الْغُلَامِ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ، غَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا. أَمَرَ بِإِحْضَارِ الْغُلَامِ، وَسَأَلَهُ عَنْ سِرِّ هَذِهِ الْقُدْرَةِ. فَأَجَابَ الْغُلَامُ بِشَجَاعَةٍ: "الْأَمْرُ لِلَّهِ رَبِّي وَرَبِّكَ، هُوَ الَّذِي يَشْفِي وَيُبْرِئُ". فَحَاوَلَ الْمَلِكُ أَنْ يُكْرِهَهُ عَلَى الْكُفْرِ وَالرُّجُوعِ عَنْ دِينِهِ، فَأَبَى الْغُلَامُ إِلَّا الثَّبَاتَ.
حَاوَلَ الْمَلِكُ قَتْلَ الْغُلَامِ عِدَّةَ مَرَّاتٍ بِطُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ، فَرَمَاهُ مِنْ أَعْلَى جَبَلٍ فَأَنْقَذَهُ اللَّهُ، وَأَلْقَاهُ فِي عُرْضِ الْبَحْرِ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ. فَعَجَزَ الْمَلِكُ عَنْ قَتْلِهِ. فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ: "لَنْ تَسْتَطِيعَ قَتْلِي إِلَّا بِأَنْ تَأْخُذَ سَهْمًا مِنْ جُعْبَتِي، ثُمَّ تَقُولَ: "بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ"، ثُمَّ تَرْمِيَنِي بِهِ".
فَفَعَلَ الْمَلِكُ مَا أَشَارَ بِهِ الْغُلَامُ، وَجَمَعَ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَأَخَذَ السَّهْمَ وَقَالَ: "بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ"، فَرَمَاهُ، فَأَصَابَ صُدْغَ الْغُلَامِ، فَمَاتَ شَهِيدًا.
فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ ذَلِكَ، صَرَخُوا جَمِيعًا بِصَوْتٍ وَاحِدٍ: "آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ! آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ!"
فَزَادَ غَضَبُ الْمَلِكِ، وَأَمَرَ بِحَفْرِ أَخَادِيدَ عَظِيمَةٍ فِي الْأَرْضِ، وَأَشْعَلَ فِيهَا النِّيرَانَ الْمُسْتَعِرَةَ. وَبَدَأَ يُخَيِّرُ الْمُؤْمِنِينَ بَيْنَ الرُّجُوعِ عَنْ دِينِهِمْ وَالْكُفْرِ بِاللَّهِ، وَبَيْنَ الْإِلْقَاءِ فِي تِلْكَ النِّيرَانِ.
فَثَبَتَ الْمُؤْمِنُونَ عَلَى إِيمَانِهِمْ وَلَمْ يَتَرَاجَعْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، لَا رِجَالٌ وَلَا نِسَاءٌ وَلَا أَطْفَالٌ. وَكَانَتْ إِحْدَى النِّسَاءِ تَحْمِلُ رَضِيعًا، فَتَرَدَّدَتْ هَيْبَةً مِنَ النَّارِ، فَنَطَقَ الرَّضِيعُ بِإِذْنِ اللَّهِ قَائِلًا: "يَا أُمَّاهُ اصْبِرِي، فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ". فَأُلْقُوا جَمِيعًا فِي تِلْكَ الْأَخَادِيدِ، وَفَضَّلُوا الشَّهَادَةَ عَلَى الْكُفْرِ.
فَكَانُوا هُمْ "أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ"، قَوْمٌ أَحْرَقَتْهُمُ النِّيرَانُ لِأَجْلِ إِيمَانِهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ فَازُوا بِالْجَنَّةِ، وَخَسِرَ الظَّالِمُونَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. إِنَّهَا قِصَّةٌ تُلْهِمُنَا الثَّبَاتَ وَالْصَّبْرَ عَلَى الْحَقِّ، وَتُظْهِرُ عِظَمَ قُدْرَةِ اللَّهِ وَجَزَاءَ الْمُؤْمِنِينَ.
#trending #اكسبلور #قصص #دينيه #قرآن