المواطن والديون: رحلة من اليأس إلى الوعي الشعبي | ٧ نقاط يزيد الراجحي
Автор: محمد العمري
Загружено: 2025-10-07
Просмотров: 17133
عندما تأكل الأرقام القوة
في أحد أيام الجمعة، ذهب خالد إلى السوق بقائمة مشتريات قصيرة وميزانية محسوبة بالهللة. كان يأمل أن يتمكن من تدبير أمور الأسبوع دون عجز جديد. لكن ما واجهه كان صدمة عنيفة. الأسعار التي عرفها الشهر الماضي تبخرت، وحلت محلها أرقام جديدة، أعلى وأقسى. لقد اصطدم بوجه التضخم القبيح الذي لم يعد مجرد مصطلح يقرأ عنه في الأخبار، بل أصبح وحشًا يلتهم طعام أطفاله.
لتتضح الصورة القاتمة، يمكن مقارنة الأسعار كالتالي:
السلعة سعر الشهر الماضي سعر اليوم
الأرز (10 كجم) 70 ريالًا 85 ريالًا
حليب الأطفال 55 ريالًا 68 ريالًا
وقف خالد أمام الأرفف، يحسب ويعيد الحساب، وشعر بشيء يتآكل في داخله. لم يكن راتبه هو الذي نقص، بل قيمته. إنها ظاهرة تآكل القوة الشرائية التي جعلت من راتبه الثابت عملة لا قيمة لها تقريبًا. كل ريال يكسبه بعرق جبينه أصبح يشتري أقل مما كان عليه بالأمس. شعر بالعجز يطبق على أنفاسه، فالحلول التقليدية كتقليل الكماليات لم تعد ممكنة، لأنه لم يتبق لديه أي كماليات ليقللها.
وهكذا، بدأت فكرة مظلمة تتبلور في ذهنه؛ فكرة كانت دائمًا خطًا أحمر بالنسبة له: الاقتراض.
دوامة الديون
لم يمر وقت طويل حتى وجد خالد نفسه مضطرًا لعبور ذلك الخط الأحمر. عطل طارئ في سيارته، تبعته مصاريف علاجية لابنه، كانا القشة التي قصمت ظهر ميزانيته. توجه بخطى مثقلة إلى أحد البنوك، ليجد نفسه يسقط في الفخ المنصوب بعناية لإغراق الشعب بالديون الربوية. وقع على الأوراق وشعر كأنه يوقع على صك عبوديته، مدركًا أنه دخل رسميًا في دوامة القروض التي حذر منها الكثيرون.
في محاولة يائسة للخروج من أزمته، حاول التقديم للحصول على دعم حكومي مخصص للفئات الضعيفة. لكنه اصطدم بجدار من الشروط المعقدة التي بدت وكأنها صُممت لرفض طلبه لا لقبوله:
شرط الحاجة: كان عليه إثبات أن دخله الوحيد لا يكفي، وهو أمر واضح كالشمس، لكن إثباته يتطلب أوراقًا لا تنتهي.
الاستقلالية وعقد الإيجار: طُلب منه تقديم عقد إيجار ساري المفعول لإثبات استقلالية سكنه.
فواتير الخدمات: كان عليه إرفاق آخر فواتير الكهرباء باسمه.
راتب الزوجة: وعندما ذكر أن زوجته تعمل بدوام جزئي لتساعد في المصاريف، تحول راتب الزوجة البسيط إلى عائق قد يحرمه من الدعم.
خرج خالد من مكتب الخدمات الحكومية وهو يشعر بالإحباط والظلم. لم يعد ضحية صامتة للظروف، بل بدأ يرى خيوطًا تربط معاناته الفردية بصورة أكبر وأكثر قتامة.
4. الفصل الرابع: صوت الشارع
بدأ خالد ينتبه أكثر للأصوات من حوله، محاولًا الخروج من فقاعة التفاهة التي فرضتها الظروف. على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي مجالس الأصدقاء، كان الغضب يتصاعد. كانت النقاشات أكثر حدة وعمقًا مما مضى، وكأن الناس قرروا معًا أن يتجاوزوا حدود الصمت:
1. أولويات الصرف الحكومي: "ينفقون المليارات على مشروع الترفيه والرياضة، بينما نكافح لتأمين حقوقنا المالية الأساسية!" كانت هذه صرخة متكررة تعكس إحساسًا عميقًا باختلال أولوية الصرف.
2. التغييرات الوزارية: علّق أحدهم بتهكم: "كلما صرخنا، أقالوا وزيرًا لامتصاص الغضب. يأتون بـ الوزير الجوكر ليقوم ببعض الحركات البهلوانية، ثم يعود كل شيء كما كان".
3. غياب المسؤولين: تساءل آخر بمرارة: "لماذا لا نراهم يتفقدون أحوال الناس؟ يختبئون في مكاتبهم، وقوتهم الوحيدة المتبقية هي الإعلامية الكذب لتزيين الواقع".
في تلك اللحظة، حدث التحول. ربط خالد بين قرضه الربوي الذي يخنقه، وبين تلك النقاشات. أدرك أن معاناته ليست مجرد سوء حظ فردي، بل هي نتيجة مباشرة لفساد إداري ممنهج وسوء إدارة للموارد. أدرك خالد أن قصته هي قصة الكثيرين.
لم يعد يشعر بالوحدة في معركته. وبدأت فكرة جديدة تتشكل في ذهنه، فكرة بسيطة لكنها قوية: فكرة المساءلة الشعبية.
5. الفصل الخامس: قرار شخصي
لم ينتظر خالد أن يقود أحدهم التغيير، بل قرر أن يبدأ بنفسه. كان قراره نابعًا من قناعة داخلية عميقة، قرارًا شخصيًا ذاتيًا لاتخاذ موقف. لم يكن القرار صاخبًا أو عنيفًا، بل كان هادئًا وحاسمًا: المقاطعة الشعبية كأداة للمعاقبة والمساءلة.
كان الهدف واضحًا ودقيقًا. فمن خلال متابعته للنقاشات، فهم لماذا أصبح بنك الراجحي هو الرمز. لم يكن مجرد بنك، بل كان جزءًا من تاريخ طويل من الخداع؛ فهو الذي قاد عملية "أسلمة الربا"، واحتكر المشهد المصرفي الإسلامي بعد رفض التصريح لغيره، ولعب دورًا تخادميًا في إغراق أجيال كاملة بالديون الربوية. أدرك خالد أن مقاطعة هذا البنك ليست مجرد فعل اقتصادي، بل هي تحدٍ لمنظومة كاملة، وأن سقوطه هو سقوط لعلماء السلطان الذين برروا ضياع حقوق الناس المالية.
في صباح يوم أحد، دخل خالد فرع البنك بهدوء. انتظر دوره، وعندما جلس أمام الموظف، طلب بهدوء سحب كامل رصيده وإغلاق حسابه. لم يكن هذا الفعل ليحل مشاكله المالية، لكنه كان شيئًا أكبر بكثير. كانت خطوة رمزية لاستعادة كرامته وصوته كمواطن. يمكن تلخيص خطوات تفكيره كالتالي:
1. المساءلة الشعبية الفعالة تبدأ بفعل فردي رمزي.
2. يجب معاقبة الجهات التي آذت الشعب وكانت جزءًا أساسيًا من المشكلة.
3. الانضمام إلى حركة جماعية لا يتطلب انتظار الآخرين، بل يبدأ بقرار شخصي.
عندما خرج خالد من البنك، شعر بخفة لم يشعر بها منذ سنوات. لم يتغير وضعه المالي، لكن شيئًا جذريًا تغير في داخله. لقد كان فعله الصغير إعلان نهاية فصل وبداية فصل جديد من الوعي.
لا تنسَ الاشتراك في القناة وتفعيل زر الجرس ليصلك كل جديد!
لدعم القناة
paypal.me/Alumri
patreon.com/Alumri
Доступные форматы для скачивания:
Скачать видео mp4
-
Информация по загрузке: